حساسية الربيع | أسبابها وسبل التعامل معها
مع قدوم فصل الربيع تزهر الأشجار وتنتعش الطبيعة بألوانها الزاهية وروائحها العطرة، لكن بالنسبة للكثيرين لا يكون هذا الفصل موسم البهجة، بل موسم للعطس وسيلان الأنف وحكة العينين، وتُعرف هذه الحالة باسم حساسية الربيع أو حمى القش (Hay Fever)؛ وهي من أكثر أنواع الحساسية الموسمية شيوعًا حول العالم.. في هذا المقال سنتعرف على أسباب حساسية الربيع، وأعراضها المزعجة، كذلك العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بها، وطرق التعامل الفعّالة للوقاية والعلاج.
ما المقصود بحساسية الربيع؟
حساسية الربيع هي استجابة مفرطة من الجهاز المناعي تجاه مواد طبيعية موجودة في الهواء خلال موسم الربيع، مثل: حبوب اللقاح (Pollen) الصادرة من الأشجار أو الأعشاب أو الأزهار، فعندما يتعرّض الشخص المهيّأ وراثيًّا لهذه المواد يعتبرها جسمه “خطيرة” رغم أنها غير مؤذية، فيفرز الهيستامين ومواد كيميائية أخرى تسبب أعراض الحساسية المعروفة.
ما أسباب حساسية الربيع؟
تحدث حساسية الربيع نتيجة التعرّض لمسببات معينة، أبرزها:
- حبوب اللقاح: هي السبب الرئيس حيث تنتشر في الهواء خلال الربيع عندما تبدأ النباتات في التلقيح، وتُعد حبوب لقاح الأشجار، مثل: البتولا، والبلوط، والصنوبر، والزيتون من أكثر الأنواع المسببة للحساسية.
- الغبار والعفن: مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة تنشط فطريات العفن في الهواء وعلى الأسطح الرطبة، وتُطلق أبواغًا قد تثير الحساسية.
- وبر الحيوانات: يحتوي وبر الحيوانات الأليفة (كالقطط، والكلاب) على بروتينات قد تزيد من حدة أعراض الحساسية عند البعض؛ خاصةً في فصل الربيع مع زيادة تساقط الشعر.
- التلوث الهوائي: العوادم ودخان السجائر والمبيدات الزراعية كل ذلك يمكن أن يزيد من حساسية الجهاز التنفسي، وتفاقم الأعراض.

كيف تحدث الحساسية من الناحية المناعية؟
عند استنشاق حبوب اللقاح يتعرف الجهاز المناعي عليها كمادة غريبة، ويبدأ في إنتاج أجسام مضادة تُسمى IgE، وتلتصق هذه الأجسام بخلايا تُعرف باسم الخلايا البدينة الموجودة في الأغشية المخاطية للأنف والعينين، وعند التعرض المتكرر للمسببات نفسها تنفجر هذه الخلايا مطلقة الهيستامين الذي يسبب أعراض، مثل: العطس، وسيلان الأنف، والحكة، والدموع؛ هذه الآلية هي جوهر التفاعل التحسسي في الربيع.
ما أعراض حساسية الربيع؟
تتفاوت شدة الأعراض من شخص لآخر، لكنها غالبًا تشمل:
- العطس المتكرر.
- انسداد أو سيلان الأنف.
- حكة في الأنف أو الحلق.
- دموع واحمرار العينين.
- الشعور بالتعب أو الصداع الخفيف.
- فقدان مؤقت لحاسة الشم.
- الكحة أو ضيق التنفس إذا كان الشخص مصابًا بالربو التحسسي.
ما الفرق بين نزلات البرد، وحساسية الربيع؟
قد يخلط البعض بين أعراض الحساسية والبرد، لكن هناك فروق دقيقة:
- المسبب: حساسية الربيع تنتج عن تفاعل مناعي تجاه حبوب اللقاح، بينما نزلة البرد سببها عدوى فيروسية.
- مدة الأعراض: تستمر أعراض الحساسية لأسابيع أو طوال موسم الربيع، أما نزلات البرد فعادةً لا تتجاوز من 7 إلى 10 أيام.
- وجود الحمى: الحمى نادرة في الحساسية، لكنها شائعة في حالات البرد.
- المخاط: في الحساسية يكون صافيًا ومائيًّا، أما في البرد فيكون أكثر كثافة، كما يميل إلى اللون الأصفر.
- الحكة في العين والأنف: هذه من العلامات المميزة للحساسية، بينما نادرًا ما تظهر مع نزلات البرد.
ما العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بها؟
تزداد احتمالية الإصابة بحساسية الربيع في الحالات التالية:
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بالحساسية أو الربو.
- العيش في مناطق غنية بالنباتات أو مرتفعة التلوث.
- ضعف المناعة أو وجود أمراض مزمنة في الجهاز التنفسي.
- قضاء وقت طويل في الهواء الطلق خلال موسم التلقيح.
كيف تُشخص حساسية الربيع؟
عادةً ما يعتمد الطبيب على التاريخ المرضي والأعراض، لكن في بعض الحالات قد يطلب اختبارات لتحديد المسبب الدقيق، مثل:
- اختبار الجلد التحسسي: حيث يتم تعريض الجلد لكمية صغيرة من المواد المسببة المحتملة، ومراقبة رد الفعل.
- اختبارات الدم: لقياس مستوى الأجسام المضادة المسؤولة عن التفاعل التحسسي.
ما طرق التعامل مع حساسية الربيع؟
أولًا: تجنّب المسببات قدر الإمكان
- متابعة نشرات حبوب اللقاح، ومعرفة أوقات ذروتها؛ لتقليل الخروج خلالها.
- إغلاق النوافذ في الصباح الباكر وعند المساء حيث يزداد تركيز اللقاح في الجو.
- استخدام أجهزة تنقية الهواء داخل المنزل.
- غسل الوجه، واليدين، والأنف بعد العودة من الخارج؛ لإزالة حبوب اللقاح.
- تجنّب تجفيف الملابس في الهواء الطلق خلال الموسم.
- الحفاظ على نظافة مكيف الهواء، وتغيير فلاتره دوريًّا.
ثانيًا: العلاج الدوائي
يهدف إلى تخفيف الأعراض لا القضاء على الحساسية نهائيًّا، وتشمل العلاجات ما يلي:
- مضادات الهيستامين: تُعتبر خط العلاج الأول لتقليل الحكة والعطس وسيلان الأنف، ومن أمثلتها: سيتريزين، ولوراتادين، وفيكسوفينادين، كذلك يُفضل تناولها مساءً؛ لتقليل النعاس خلال النهار -إن وُجد-.
- بخاخات الأنف الكورتيزونية: تعمل على تقليل الالتهاب والاحتقان، مثل: فلوتيكازون، وموميتازون، كما يُنصح باستخدامها بانتظام خلال موسم الحساسية، وليس فقط عند ظهور الأعراض.
- مزيلات الاحتقان: تخفف انسداد الأنف مؤقتًا، لكنها لا تُستخدم لفتراتٍ طويلة؛ لتجنب الأعراض الجانبية، مثل: ارتفاع الضغط، أو خفقان القلب.
- قطرات العين المضادة للتحسس: لتخفيف الحكة والاحمرار؛ خاصةً في حالات التهاب الملتحمة التحسسي.
- العلاج المناعي: يُستخدم في الحالات المزمنة التي لا تستجيب للعلاج التقليدي، ويعتمد على تعريض المريض تدريجيًّا لكميات صغيرة من المادة المسببة للحساسية عبر حقن أو أقراص فموية؛ مما يساعد على تعويد الجهاز المناعي، وتقليل الحساسية على المدى الطويل.
ما دور التغذية في الحد من الأعراض؟
أشارت بعض الدراسات إلى أن النظام الغذائي قد يؤثر في شدة أعراض الحساسية، ومن أبرز الأطعمة المفيدة:
- الأطعمة الغنية بفيتامين C: مثل: البرتقال، والفلفل الأحمر، والكيوي، فهي تقلل من إنتاج الهيستامين.
- الأسماك الدهنية: مثل: السلمون، والتونة الغنية بأوميغا 3 التي تساهم في تقليل الالتهابات.
- العسل المحلى: أحيانًا يساعد في تقليل التحسس تجاه حبوب لقاح المنطقة.
- السوائل الدافئة: تساعد في تهدئة الجهاز التنفسي، وترطيب الأغشية المخاطية.
وفي المقابل.. يُنصح بتجنب الأطعمة المصنعة، والمقلية، والمشروبات الغازية، والكافيين الزائد، وكذلك الأطعمة التي قد تثير الحساسية المتصالبة، مثل: بعض الفواكه (التفاح، والكرز، والكمثرى) لدى المصابين بحساسية حبوب لقاح البتولا.
ما أهم النصائح الحياتية لتخفيف الأعراض؟
- استخدام نظارات شمسية كبيرة؛ لحماية العينين من اللقاح.
- الاستحمام وتغيير الملابس فور العودة من الخارج.
- تهوية المنزل في أوقات مناسبة بعد المطر حين يقلّ تركيز اللقاح.
- ممارسة تمارين التنفس؛ لتقوية الجهاز التنفسي.
- تجنب التدخين أو الجلوس بجوار المدخنين.
- استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء جديد؛ خاصةً لمرضى القلب، أو الضغط، أو الحوامل.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
ينبغي طلب المشورة الطبية إذا:
- استمرت الأعراض لفترةٍ طويلة أو أثرت في النوم والتركيز.
- ظهرت علامات ضيق تنفس أو صفير بالصدر.
- لم يتحسن الوضع رغم استخدام الأدوية المعتادة.
- تطورت الأعراض إلى التهاب جيوب أنفية مزمن أو ربو تحسسي.
حساسية الربيع ليست مرضًا خطيرًا، لكنها مزعجة ومؤثرة على جودة الحياة إذا لم يتم التعامل معها بشكلٍ سليم، فالوعي بالمسببات، واتباع خطوات الوقاية اليومية، والالتزام بالعلاج المناسب؛ كلها أمور كفيلة بجعل موسم الربيع يمر بسلام وراحة، ومع المتابعة الطبية المنتظمة يمكن السيطرة على الأعراض والاستمتاع بجمال الربيع دون معاناة.
مقترحات القراءة:
- هل للمكملات الغذائية دور في حماية الصحة؟
- تعرف على الأنظمة الغذائية المناسبة لمرضى القلب
- ما أسباب ثبات الوزن عند متبعي الحميات الغذائية؟
- أهم ثلاثة عناصر غذائية مفيدة لخمول الغدة الدرقية في رمضان
- حدد خياراتك | أهم 9 نصائح عن التغذية السليمة في العيد
- الأفوكادو | أفكار صحية وشهية لتناول الأفوكادو
- الدهون الضارة والنافعة | ما الفرق بينهما؟
- حافظ على صحتك | أفضل نظام غذائي لمرضى الضغط

تعليقات