fbpx

ما بين لقاح غير معروف المخاطر وعدوى شرسة | أيهما نختار؟

Drug Paraphernalia, Drugs

في الآونة الأخيرة إنتشرت الكثير من الأقاويل المتضاربة حول فعالية اللقاحات المكتشفة حديثاً للوقاية من عدوى فيروس كورونا المستجد ( كوفيد 19 ) ، ونظراً لحداثة الجائحة وسرعة تطورها وهشاشة المعلومات المعروفة عنها حتى الآن ، حيث تزايدت وتيرة الأقاويل حولها دون وجود دليل يثبت أو ينفي صحة أيً منها. حتى شركات الادوية التي لا تزال في طور تجربة بعض هذة اللقاحات لم يتوفر لديها بعد المعلومات الحاسمة بشأن جدوى هذه اللقاحات ومستوى أمانها . هذا ما دفع الكثيرين للمقارنة ما بين أخذ اللقاح في حال توفره وتحمل مخاطره المحتملة أو رفض اللقاح والتعرض لمخاطر التقاط العدوى المحتملة في سبيل النجاة من مخاطر اللقاح المجهولة.

اللقاح هو مستحضر بيولوجي يعمل على تعزيز مناعة الجسم المكتسبة تجاه مرض معين ، ويعد الطريقة الأولى الفعالة للوقاية من الأمراض المعدية . وقد ساهمت اللقاحات منذ القدم في رفع المناعة الجماعية تجاه مجموعة من الأمراض المعدية وعلى رأسها مرض الجدري ، إلى جانب الحد من أمراض أخرى كشلل الأطفال والحصبة والكزاز في معظم مناطق العالم . وخلال الأشهر القليلة الماضية بدأت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ( FDA ) بمنح الموافقات على الاستخدام الطارئ للقاحات فيروس كورونا المستجد ، وهو الأمر الذي قد يثير تساؤلات الكثيرين ، خاصة وأن المدة التي استغرقها تصنيع لقاح فيروس كورونا المستجد منذ بداية عملية البحث الأكاديمي ومروراً بمراحل التجربة ثم انتهاءً بالمصادقة عليه من قبل هيئة الغذاء والدواء وبداية طرحه في الأسواق ، هذة المدة كلها لم تتجاوز الـ 10 أشهر فقط ، في حين أن أغلب التطعيمات التي تم انتاجها على مدار التاريخ إستغرقت فترات تتراوح ما بين 5 – 10 سنوات في المتوسط . هذا الأمر قد أثار شكوكاً واسعة لدى الكثير من الناس حول مستوى فاعلية هذة اللقاحات ومدى أمانها.

يقول الدكتور إسلام حسين الحاصل على شهادة الدكتوراه في علم الفيروسات من جامعة كامبريدج ، أن السر وراء سرعة إنتاج لقاح فيروس كورونا المستجد ( كوفيد 19 ) يرجع إلى عوامل متعددة من أهمها :

  1. سرعة الأدوات والتقنيات التي بنيت عليها عملية تصنيع لقاحات فيروس كورونا المستجد
  2. التمويل الهائل من قبل الحكومات والشركات من أجل تسريع عملية تصنيع اللقاح
  3. التعاون السريع والدعم من قبل الحكومات والشركات من أجل تسريع عملية تصنيع اللقاحات
  4. وجود عدد كبير من المرضى المتطوعين الذين خضعوا للتجارب السريرية.

كل هذه العوامل ، سرعت من عملية تطوير لقاح فيروس كورونا المستجد وطرحه في الأسواق من أجل المساعدة في التصدي للجائحة ، ولهذا فإن المخاوف النابعة من فرضية أن اللقاحات الحالية ليست مستوفية لمعايير الأمان بسبب محاولة إسراع عملية التصنيع ، هي مخاوف خاطئة وليست في محلها . 

اللقاح أم العدوى

أما عن الأعراض الجانبية بعيدة المدى فيقول الدكتور إسلام حسين بأنه لا يمكن لأحد أن يتنبأ بشأن الأعراض التي قد تحدث بعد 10 أو 15 عاماً من تناول اللقاح ، لكن من الضروري أن نكون على دراية بأن هناك عاملين مهمين من شأنهما أن يقللا من معدلات المخاطر بعيدة المدى للقاحات المكتشفة حديثاً لفيروس كورونا وأولهما : أن كافة لقاحات فيروس كورونا المستجد ( كوفيد 19 ) التي تم طرحها في الأسواق حتى اليوم لا تقع ضمن نطاق النوع المضعف من الفيروس أو ( Live Attenuated Virus ) ، وفي هذا النوع من اللقاحات تحديداً غالباً ما تحتاج عملية تطويره إلى مدة طويلة نسبياً من أجل تفادي مخاطر أن ينشط الفيروس من جديد ويهاجم الجسم بشراسة . أما العامل الثاني الذي يجعلنا نطمئن من ناحية خلو اللقاحات الجديدة من المخاطر بعيدة المدى ، فهو ما يتعلق بشأن سلوك فيروس كورونا المستجد نفسه ، حيث أن النسخة المستجدة من فيروس كورونا ليست من بين أنواع الفيروسات التي قد تسبب عدوى كامنة في الجسم ، مما ينفي تقريباً إحتمالية ظهور أي مخاطر على المدى البعيد .

كما يوضح الدكتور إسلام حسين كذلك أن الخط المناعي الذي يتكون في الجسم نتيجة اللقاح عادة ما يكون أقوى مقارنة بالمناعة المستقبلية التي يكتسبها الفرد جراء إصابته بالعدوى ، على سبيل المثال أثبتت دراسة بأن نسبة الأجسام المضادة لدى الأشخاص الذين تلقوا لقاح ( مودرنا ) كانت أعلى مثيلتها لدى الأشخاص المتعافين من الإصابة بعدوى فيروس كورونا المستجد . ثم ينقل الدكتور أوجه المقارنة بين اللقاح أو العدوى الطبيعية إلى جانب آخر ، فيوضح أنه في حالة ما إذا التقط الجسم عدوى فيروس كورونا المستجد بشكل طبيعي ، فعادةً ما يحدث تباين بين المرضى وبعضهم البعض في عدد الفيروسات التي تدخل الجسم ، إلى جانب التباين في الإستجابة المناعية للعدوى والتي تختلف من شخص لآخر . وكلما ازدادت شدة العدوى أو زادت كمية الفيروسات التي تدخل الجسم ( Viral Load ) فإن الإستجابة المناعية سرعان ما تنهار ، ولا تكون بنفس قوتها السابقة . بينما على الجانب الآخر ، ففي حالة اللقاح فإن الجرعة سوف تكون موحدة ومحسوبةً بدقة متناهية ، كما أن قدرتها على تحفيز الإستجابة المناعية مراقبة مسبقاً وتم تجربتها على آلاف البشر . من هذا نستنتج أن الإستجابة المناعية التي تعطيها لنا اللقاحات أفضل من الإستجابة المناعية التي تمنحها لنا العدوى.

وفي النهاية فإن إتخاذ الإنسان لأي قرار في حياته ما هو سوى نوع من المخاطرة ، سواء كان ذلك عن وعي منه أم لا . إستقلالك للسيارة ، صعودك في المصعد ، عبورك الطريق ، حتى أبسط القرارات المعيشية البسيطة التي تتعلق بالمطعم والمشرب دائماً ما يكون لها وجهان ، أحدهما هو وجه المنفعة التي سوف تتحصل عليها من جراء مضيك في قرارك ، أما الوجه الآخر فهو المخاطر التي قد تصيبك نتيجة لذلك . لذا فإن الموازنة بين المنافع والمفاسد هي ديدن تعاملنا مع كل تلك الأمور ، وبالحديث عن لقاحات فيروس كورونا المستجد ، فيجدر القول بأنه بعد كافة التجارب التي تمت على هذه اللقاحات وإثبات حصولها على موافقة هيئات مراقبة الأدوية حول العالم ( هيئة الغذاء والدواء وما يعادلها ) ، فإن كافة الأعراض الجانبية المؤقتة التي قد تنتج عن هذة اللقاحات ، أو حتى المخاطر بعيدة المدى التي قد تتخوف من حدوثها ، هي بالتأكيد أقل خطورة وتهديداً لحياتك مقارنة بالعدوى الطبيعية . فلا يجدر بنا أن نضحي بالفائدة المرجوة من اللقاح في سبيل مخاطرة لا يعلم نتائجها سوى الله.

دمتم أصحاء ..

     المصدر

Responses