fbpx

كيف تأخذ أجازة مرضية نفسية من العمل؟ | هي ضرورة أم رفاهية!

   “أشعر بالتوتر والإجهاد! علاقاتي تغيرت مع زملائي! لا أستطيع الاستمرار ولا يُمكنني التكيُّـف؟ أشعر أنني لست بخير ولا أعمل بكامل طاقتي، فماذا عليّ أن أفعل؟”

   أفقتُ من أفكاري على صوت صديقي في العمل وهو يُنبهني أن الاستراحة قد انتهت، ولقد انتبه إلى شرودي ونصحني بأن أتقدم بطلب أجازة مرضية نفسية، ولا أخفيك سرًّا فقد اعتراني الذهول عند سماعي لنصيحته!!! “هل هناك ما يُدعى فعلًا أجازة مرضية نفسية؟”، وإذا كان كذلك فما شروطها؟ وما مدتها؟ وهل يسمح أرباب العمل -بالفعل- من إعطائها للموظفين؟ وهل هناك قوانين تسمح بها؟ وأخيرًا كيف أحصل عليها؟

   لذا سنتعرف معًا عزيزي القارئ على أجوبة هذه الأسئلة وأكثر في السطور القليلة القادمة.

Table of Contents

ما المراد بأجازة مرضية نفسية؟

   الضغوط النفسية أمر لا مفر منه بغض النظر عن مدى نجاحك في تحقيق التوازن بين العمل وحياتك الشخصية، وتشير الدراسات إلى أن العمل يمكن أن يسبب أكبر قدر من التوتر في حياة الشخص، وقد ينبع هذا الضغط من مقابلة شخصية قادمة مع رئيسك، أو خلاف مع زميلٍ لك في العمل، أو خلاف مع مديرك، ..وغيرها من الأسباب، كما أنه في بعض الأحيان يمكن أن تُشكِّل بيئة العمل نفسها -أيضًا- تهديدًا خطرًا على صحتك النفسية.

   لذلك يجب التفريق بين المرض النفسي والاضطرابات النفسية؛ فإن المرض النفسي يتطلب أجازة طويلة من العمل تصل إلى عام أو أكثر، وذلك بخلاف الاضطرابات النفسية التي تتطلب أجازة تصل إلى أسبوع، مثل: الاكتئاب الشديد، والقلق العام.

أجازة التوتر والإجهاد

   إجازة الإجهاد هي فترة ممتدة من الوقت يأخذها الموظف في العمل؛ للتعامل مع الأمراض، والإصابات، والمآزق الأخرى المرتبطة بالتوتر أو التعافي منها، وتختلف القوانين المتعلقة بالأجازة النفسية من بلدٍ إلى آخر، فعلى سبيل المثال: الولايات المتحدة لديها قانون يسمى FMLA، أو “قانون الإجازة الطبية للعائلة “الذي” يضمن لموظفين معينين ما يصل إلى 12 أسبوع عمل من الأجازة غير مدفوعة الأجر كل عام دون أي تهديد بفقدان الوظيفة”.

أجازة مرضية

هل يجب أن تأخذ أجازة مرضية بسبب التوتر والإجهاد؟

   لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال يقول أحدهم: “في ربيع عام 2018م تدهورت حالتي النفسية والجسدية إلى درجة شَعُرْت فيها بالعجز عن العمل؛ فأنا لم أكن أتعامل مع نزلة برد أو أسابيع قليلة من القلق فقط، ولكن دمَّر الإجهاد والتوتر عقلي فضلًا عن جسدي، وخلق تأثير كرة الثلج بعض مشكلات الصحة العقلية لي، مثل: الهلع، والقلق العام، والاكتئاب الشديد؛ مما ساهم في إصابتي ببعض الأمراض المزمنة، وضعف جهاز المناعة بالكامل؛ لذلك أخذت أجازة مرضية غيّرت حياتي”.

   لا يعرف الكثير من الأشخاص في بيئات الأعمال أن هذا الخيار متاح للموظفين، بالرغم من حقيقة أن الاكتئاب هو السبب الرئيس للإعاقة في جميع أنحاء العالم، فلا أحد يُنكر أنه قد تكون هناك وصمة عار كبيرة تلتصق بالشخص عندما يتعلق الأمر بعلاج الصحة العقلية، والنفسية الخاصة به في مكان العمل، فهناك خوف حقيقي من مواجهة التداعيات.

 هناك العديد من الأسباب التي تجعل الموظفين يتقدمون بطلب؛ للحصول على أجازة مرضية للإجهاد، وقد يكون بعضها أكثر شيوعًا من البعض الآخر، وهي:

1. هموم ثقيلة من أعباء العمل

   من السهل جدًا الشعور بالإرهاق والتوتر عندما يكون لديك الكثير من الأشياء لفعلها، وغالبًا يكون ضغط الحفاظ على الأداء الجيد في العمل، وعدم القدرة على قول “لا” لزميلك أو رئيسك؛ سببًا للتوتر.

2. عدم وجود توازن بين العمل والحياة

   تؤدي رسائل البريد الإلكتروني، والمكالمات الهاتفية، والنصوص إلى تعطيل التوازن بين العمل والحياة؛ فإن التحقق من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل أول شيء قد تفعله في الصباح وقبل أن تنام ليلـًا، وليس هذا بالأمر غير المعتاد، ولكنه ليس مفيدًا إذا كنت تسعى جاهدًا لحياة متوازنة وصحية.

3. القضايا الداخلية

   سياسات المكتب، والنميمة، والبلطجة، والمضايقات ليست سوى بعض من الصراعات العديدة الموجودة في مكان العمل، وتعتمد سعادتنا في معظم الأوقات في بيئة العمل على الأشخاص الذين نتعامل معهم، وإذا كنت تتعامل باستمرار مع الأفراد المُغرضين فستزداد احتمالات تعرضك للتوتر بشكلٍ متزايد.

كيفية الحصول على أجازة مرضية سببها الاضطراب النفسيّ

   مهما كانت الظروف الكامنة وراء التوتر في العمل فقد ترى خيارًا واحدًا -فقط- وهو محاولة منع الحِمْلَ الثقيل من دفنك، وترى أنه يجب أن تستمر في العمل على أمل ألَّا يُغذي التوتر والاكتئاب الانهيار السريع لصحتك النفسية، ولكن هناك خيارًا آخرًا مفتوح لك وهو أجازة الإجهاد والتوتر؛ لذا إليك الخطوات الأساسية في كيفية الحصول على أجازة مرضية بسبب تعرضك للإجهاد والتوتر، ألا وهي:

أولًا: تحققْ من شعورك

   تفرض مطالب العمل المزدحمة -أو غير الصحية- ضرائب باهظة على طاقتك الجسدية والعاطفية، وخاصةً عندما تهاجمك تحديات الحياة العادية من زوايا أخرى أيضًا، ويُمكن للضغط الشديد أن يضعك على طريق سريع للإرهاق؛ مما يجعلك مرتبكًا لدرجة أنك قد لا تمتلك القوة للتفكير فيما تشعر به بخلاف مشاعر السوء أيضًا التي تهاجمك.

   ستحتاج عادةً إلى مناقشة الأعراض التي تشعر بها مع أخصائي الصحة العقلية، أو مقدم الرعاية الصحية الخاص بك بالإضافة إلى قسم الموارد البشرية (HR)؛ من أجل الحصول على أجازة من الإجهاد، وهذا يعني أنك ستحتاج إلى تقديم شرح واضح لأعراضك، وتوضيح الطرق التي يؤثر بها التوتر على حياتك اليومية -تمامًا كما قد تصف أعراض المرض الجسدي-، كما قد يمنحك قضاء بعض الوقت الهادئ بمفردك فرصة؛ لإجراء تقييم ذاتي سريع؛ لذلك احصل على قلم وبعض الأوراق لتدوين بعض الملاحظات التي يمكنك مشاركتها مع مقدم الرعاية الخاص بك، وضع في اعتبارك ما يلي:

العلامات العاطفية:

 عندما تكون تحت ضغط شديد قد تشعر بما يلي:

  • القلق أو التوتر.
  • كونك أكثر تهيجًا أو غضبًا من المعتاد.
  • مشاعر الحزن أو البكاء.
  • إحساس غامض بالخوف.
  • غير متحمس أو غير قادر على التركيز.

   غالبًا ما تؤثر الأعراض العاطفية على أداء العمل، وتجعل من الصعب الانخراط في الأنشطة التي تساعد على تخفيف التوتر، وقد يجعلك الحزن أو الانفعال غير مهتم برؤية أصدقائك، بالإضافة إلى أنه قد يؤدي التوتر إلى انخفاضٍ حادٍ في جودة الحياة حتى أنه يساهم في الاكتئاب أو الأفكار الانتحارية.

العلامات الجسدية:

 يُمكن أن يُسبب الإجهاد الكثير من الأعراض الجسدية -أيضًا-، بما في ذلك:

  • الأرق، والكوابيس، وغيرها من مشكلات النوم.
  • الصداع المتكرر.
  • التوتر والألم في عضلاتك، وصدرك.
  • تغيُّرات الشهية.
  • الغثيان أو مشكلات الجهاز الهضمي.

   كما يُمكن أن يكون لهذه الأعراض تأثير بعيد المدى، وإذا كنتً تواجه مشكلة في النوم فمن المحتمل أن تشعر بالتعب أثناء النهار، وقد تكافح من أجل التركيز أو تلاحظ أنك ترتكب الكثير من الأخطاء، أيضًا يمكن أن يؤثر التوتر والألم على مستوى طاقتك؛ مما يقلّل حافزك لأداء الأنشطة البدنية (فهو يمنعك من ممارسة أنشطتك المعتادة)، كما قد يؤدي في النهاية إلى الشعور بالاكتئاب واليأس.

أجازة مرضية

ثانيًا: التعرف على قوانين العمل الخاصة بك

   يجب التحقق مما إذا كانت قوانين العمل الخاصة بك تشمل قوانين (FMLA) أم لا، ويجب عليك أيضًا أن تبحث عن قوانين الدولة التي تقيم بها؛ فإن لكل دولة قوانينها الخاصة بالعائلة والإجازة الطبية، وقد أشار د. أحمد العوضي “مدير مركز لا تحزن للاستشارات النفسية ببريطانيا” في مداخلة مع قناة الجزيرة إلى أنه:

   “تتفق منظمة العمل لمعظم الدول العربية والأوروبية على أحقية الأجازة لجميع المرضى سواء كان المرض نفسيّ أم عضويّ، ولكن تختلف طرق تطبيق هذه القوانين من بلدٍ لآخر”.

    وأضاف إلى ذلك: “أنه يجب التفرقة بين المرض النفسيّ والاضطرابات النفسية، مثل: القلق والاكتئاب، فقد تختلف الدول الأوروبية عن الدول العربية في شأن أحقية الأجازة لمرضى الاضطرابات النفسية، فعلى سبيل المثال: تُقبَل الإجازات المرضية الناتجة عن الاضطرابات النفسية كالقلق، والاكتئاب في العديد من الدول الأوروبية، أما لدى بعض الدول العربية فلا تُقبل الاضطرابات النفسية كسبب في أخذ أجازة مرضية”.

ثالثًا: إشعار صاحب العمل برغبتك في أخذ أجازة مرضية

   بحلول هذا الوقت من الزمن يجب أن يكون لديك ملاحظة من طبيبك تفيد بأنك مؤهل للحصول على أجازة مرضية؛ بسبب الإجهاد والتوتر في العمل، ولكن كيف ستخبر صاحب العمل الخاص بك؟

   لا يشعر العديد من الموظفين بالراحة في شرح سبب حاجتهم إلى أجازة من العمل لأرباب العمل، وتذكر أن أجازة التوتر هي حالة شائعة جدًا في مكان العمل؛ لذا انطلق وتحدث مباشرةً مع فريق الموارد البشرية أو المدير، واشرح أسباب طلبك لأجازة مرضية، كما يلي:

  • تمنعك مستويات التوتر لديك من العمل بفعالية.
  • قدِّم توصية طبيبك؛ للحصول على إجازة مرضية.
  • قدِّم تفاصيل أساسية عن حالتك (انتبه: ليس عليك شرح كل شيء).

   يجد العديد من الموظفين أنه من الأسهل التحدث مع صديقٍ مقرب أو أحد أفراد العائلة أولًا قبل التحدث إلى مديرهم، ونحن في الواقع نوصي بهذا؛ لأنه سيساعدك على التعبير عما تشعر به.

   كما يجب عليك ألا تشعر بالخوف عند التحدث إلى مديرك وجهًا لوجه، وتذكر -دائمًا-أن صحتك أهم بكثير من العمل، وبعد شرح موقفك ناقش مع صاحب العمل مقدار الوقت الذي تحتاج إليه للإجازة وتقرير الأجازة المرضية من طبيبك.

أجازة مرضية

كيفية إدارة الإجهاد في العمل

   بعد الحصول على الموافقة على الأجازة؛ حاول الاستفادة منها قدر المستطاع، واستغلال كل لحظة بها في فعل ما يسُّرك ويُفيدك، وقد تكون العودة بعد أجازة مرضية ناتجة عن التوتر مرهقة، ولكن علينا التعامل مع حقيقة أنه لا يوجد عمل خالٍ من الضغوط والتوتر، ولأن الوقاية أفضل من العلاج؛ فسنتحدث عن كيفية تقليل مقدار التوتر الذي قد تشعر به في العمل:

  1. تحدث إلى مديرك حول كيفية تحسين وضع عملك.
  2. اطلب من صاحب العمل تقليل عبء العمل الحالي بإعادة تخصيص المهام التي تجدها مرهقة -مؤقتًا-، أو التحول إلى وظيفة أقل في المتطلبات، أو تقليل ساعات عملك.
  3. تغيير نمط حياتك بممارسة الرياضة، وطرق التأمل، وتحسين نظامك الغذائي، وتقليل الوقت الذي تقضيه مع الأجهزة الإلكترونية، كذلك عليك تجنب العلاقات السامة، وما إلى ذلك.
  4. العمل من المنزل: فقد يكون طريقة رائعة؛ للتغلب على ضغوط العمل من خلال المساعدة في تنظيم بيئتك.
  5. اعترف أنه سيكون لديك أيام عصيبة ولن يسير كل شيء وفقًا للخطة، ولكن فقط خذ خطوة للوراء، واسترخِ، وتقبل الأشياء كما هي.

    ملحوظة: إذا لم تتحسن حالتك فمن الأفضل البحث عن صاحب عملٍ جديد.

   ختامًا عزيزي القارئ.. حِب نفسك أولًا وتذكر أن صحتك أهمّ من عملك؛ فإن أجازة الإجهاد هي أجازة مرضية حاسمة مُصمَّمة لمساعدتك على التعافي، والحفاظ على صحتك، وإعادة شحن طاقتك التي تحتاج إليها للنجاح في عملك.

قد يهمك أيضًا

المراجع: healthline | biomedcentral

Responses